1- التوحيد محور السيرة النبوية
2- شخصية الرسول وأبعادها الإنسانية
3- محمد (ص) رسول الإنسانية والحرية
شخصية الرسول وأبعادها الإنسانية
• الرسول الإنسان:
قال الله العظيم في محكم كتابه المبين:
بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).
إن شخصية الإنسان تبدأ بالتكون منذ الولادة بل تتحكم فيه عوامل الوراثة كما هو واضح، إلا أن عامل التربية يبقى عاملاً قوياً في تكوين شخصية الإنسان وبالنسبة إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نجد أن القرآن الكريم أشار إلى عامل الوراثة والى أن شخصية النبي إنما هي خلاصة لشخصيات آبائه وأجداده من الرسل كإبراهيم وإسماعيل ومن حمل في صلبه نطفة هذا الكائن.
(الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ).
وجاء في تفسير هذه الآية (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) أي انتقالك في أصلاب الآباء الساجدين الموحدين لله تبارك وتعالى، وفي الأحاديث توجد إشارة إلى أهمية العامل الوراثي باعتبار أن نطفة الجنين تتكون أوّل ما تتكون من جينات وراثية (كروموسومات).
هذه الجينات تحمل كل الصفات الجسدية والروحية التي يتأثر بها الإنسان من آبائه وأجداده.
(اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس) كما في الحديث.
إذن لا ينكر العامل الوراثي في تكوين شخصية الإنسان إلا انه يبقى عاملاً مساعداً ويأتي عامل التربية ليكمل دور العامل الوراثي ونحن نريد أن نخصص حديثنا عن الشخصية الاجتماعية لرسول الله، هذا الجانب الذي يبدأ من الساعات الأولى لولادة الإنسان ومنذ اللحظات الأولى التي تبصر عينه نور الحياة فتبدأ شخصية الإنسان بالنمو وتصاغ حسب الأجواء المحيطة به، أجواء الأسرة والبيئة والمجتمع.
إن دوائر التأثير في شخصية الإنسان عبارة عن الأسرة والعائلة والبيت الذي ينشأ فيه الإنسان وكذلك البيئة والمحيط الاجتماعي والإنسان تتقولب شخصيته ضمن قوالب معينة وضيقة مثل قالب البيئة والأسرة والمحيط الاجتماعي بينما المطلوب في إنسان كالرسول أن لا تتقولب شخصيته ضمن هذه القوالب المتعارفة.
والسؤال الآن، كيف تكونت شخصية رسول الله وما هو مصدر فكره؟
هل تكونت شخصية رسول الله مثلما تتكون شخصية أي إنسان، صحيح أن الرسول بشر ولكنه بشر متميز فليس الرسول كائناً فوق البشر أو من غير عنصر البشر إنما هو من عنصر البشر ولكنه بشر متفوق.
مثال: الزجاج أصله ومعدنه من الرمل ومن مواد رملية والزجاج أنواع هناك زجاج للشباك وهناك زجاج عدسات التصوير وهناك زجاج العدسات المكبرة وهناك زجاج عدسات التلسكوب والمجاهر العلمية وكل هذا الزجاج وكله من معدن واحد ولكن هناك فرق بين زجاج الشبابيك وبين عدسات التكبير لأنه كلما كانت شفافية الزجاج أكثر وكلما كان تركيز الزجاج وتقعيره أكثر تكون قيمته أغلى وفائدته اكثر.
كذلك شخصية الإنسان فالناس كلهم من اصل واحد ولكن اصل الإنسان وجوهره هو عقله وروحه فكلما كانت روح الإنسان شفافة أكثر كلما كان سموه وقدرته اكثر على تلقي المعنويات والكمالات النفسية والروحية فالنبي يمتلك روحاً شفافة ساعدته على تلقي تلك المعنويات السلوكية،وهي التي ساعدته على أن يرتبط بالسماء ويختاره الله لتبليغ رسالته لهذا نلاحظ بأن:
الرسول ومن أول لحظة ولادته أبعد عن دوائر التأثير الطبيعية.
أولاً: نجد أن الرسول ولد يتيماً فلماذا؟
فنشأ بعيداً عن الأبوين وذلك من أجل أن تبقى هذه الشخصية بعيدة عن دوائر التأثير الطبيعية التي تؤثر في صياغة شخصيته أو تتدخل في تكوين أفكاره، فنجد أنه (صلّى الله عليه وآله)، ولد يتيم الأب فلما كان جنيناً في بطن أمه وقبل أن يولد توفى أبوه عبد الله فأبصر الحياة وهو يتيم الأب.
وفي السنة السادسة من عمره تموت أمه آمنة وهو بعد لم يعش في حضن الأم ولم تلمسه يداها بالرعاية والعطف.
• إعداد السماء للرسول
ثانياً: يقول الرسول: (أدبني ربي فأحسن تأديبي)
والأنبياء عموماً تصاغ شخصياتهم الرسالية صياغة خاصة كما يقول الله بالنسبة إلى موسى (عليه السلام): (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) و(وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي)
فالملاحظ أن أغلب الأنبياء يولدون في ظروف غير طبيعية، إبراهيم ولد في ظروف الإرهاب، موسى ولد في عصر فرعون وفي أجواء يسودها التكتم والحذر من ملاحقة السلطة الفرعونية وعيسى ولد في ظروف غير طبيعية.
والسبب أن الأنبياء مطلوب منهم أن يخرجوا مستقبلاً على نظام المجتمع الجاهلي، فلابد أن ينشأوا بعيداً عن الأجواء الجاهلية الموجودة، لأنهم يعدون ـ بإرادة الله ـ للثورة على الأوضاع الاجتماعية الفاسدة.
فلا يصح أن تتأثر شخصيتهم بأي قالب من القوالب السائدة في المجتمع الجاهلي، بل يترك لهم مجال النمو والتكوين في أجواء تتوفر فيها العناية الربانية وتصنعهم اليد الإلهية.
كما نقرأ هذه الصورة من صور السيرة النبوية..
كانت عادة الأشراف في مكة بأن يرسلوا أولادهم إلى البادية ليتربوا وينشأوا في الجو الطلق والمناخ الصحو في البادية ولم تكن من عادتهم أن يبقوا أولادهم في المدينة لكي لا تتلوث نفسية الطفل بأجواء المدينة ولكي يتعلم في البادية على الروح المنطلقة ويتعلم نطق الكلمات فكان الأشراف في مكة يقدمون أولادهم الرضع إلى المرضعات اللاتي يقصدن مكة في السنين العجاف وكانت تلك السنة التي ولد فيها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سنة قاسية على قبيلة بني سعد، القبيلة التي نشأ فيها النبي فكانت النسوة اللاتي قدمن من قبيلة بني سعد مع غيرهن يلتمسن الأطفال طمعاً في بر الآباء وأموالهم وأوشكت القافلة أن ترجع بالنسوة ومع كل واحد رضيع وكانت حليمة بنت أبي زئيب السعدية قد رأته أولاً ورفضته كغيرهن من المرضعات ولكنها لم تجد طفلاً آخر غيره لأن أمهات الأطفال كلهن يعرض عنها لضعفها وهزالها، فكانت حالة حليمة السعدية لا تغري أمهات وآباء الرضع بتسليم أولادهم إليها وفيما هي خارجة عن مكة عز عليها أن ترجع ولا شيء معها فقالت لزوجها إني لأكره من بين صواحبي أن أعود ولم أخذ معي أحداً لأرجعن إلى ذلك اليتيم ورجح لها زوجها ذلك.
2- شخصية الرسول وأبعادها الإنسانية
3- محمد (ص) رسول الإنسانية والحرية
شخصية الرسول وأبعادها الإنسانية
• الرسول الإنسان:
قال الله العظيم في محكم كتابه المبين:
بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).
إن شخصية الإنسان تبدأ بالتكون منذ الولادة بل تتحكم فيه عوامل الوراثة كما هو واضح، إلا أن عامل التربية يبقى عاملاً قوياً في تكوين شخصية الإنسان وبالنسبة إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نجد أن القرآن الكريم أشار إلى عامل الوراثة والى أن شخصية النبي إنما هي خلاصة لشخصيات آبائه وأجداده من الرسل كإبراهيم وإسماعيل ومن حمل في صلبه نطفة هذا الكائن.
(الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ).
وجاء في تفسير هذه الآية (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) أي انتقالك في أصلاب الآباء الساجدين الموحدين لله تبارك وتعالى، وفي الأحاديث توجد إشارة إلى أهمية العامل الوراثي باعتبار أن نطفة الجنين تتكون أوّل ما تتكون من جينات وراثية (كروموسومات).
هذه الجينات تحمل كل الصفات الجسدية والروحية التي يتأثر بها الإنسان من آبائه وأجداده.
(اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس) كما في الحديث.
إذن لا ينكر العامل الوراثي في تكوين شخصية الإنسان إلا انه يبقى عاملاً مساعداً ويأتي عامل التربية ليكمل دور العامل الوراثي ونحن نريد أن نخصص حديثنا عن الشخصية الاجتماعية لرسول الله، هذا الجانب الذي يبدأ من الساعات الأولى لولادة الإنسان ومنذ اللحظات الأولى التي تبصر عينه نور الحياة فتبدأ شخصية الإنسان بالنمو وتصاغ حسب الأجواء المحيطة به، أجواء الأسرة والبيئة والمجتمع.
إن دوائر التأثير في شخصية الإنسان عبارة عن الأسرة والعائلة والبيت الذي ينشأ فيه الإنسان وكذلك البيئة والمحيط الاجتماعي والإنسان تتقولب شخصيته ضمن قوالب معينة وضيقة مثل قالب البيئة والأسرة والمحيط الاجتماعي بينما المطلوب في إنسان كالرسول أن لا تتقولب شخصيته ضمن هذه القوالب المتعارفة.
والسؤال الآن، كيف تكونت شخصية رسول الله وما هو مصدر فكره؟
هل تكونت شخصية رسول الله مثلما تتكون شخصية أي إنسان، صحيح أن الرسول بشر ولكنه بشر متميز فليس الرسول كائناً فوق البشر أو من غير عنصر البشر إنما هو من عنصر البشر ولكنه بشر متفوق.
مثال: الزجاج أصله ومعدنه من الرمل ومن مواد رملية والزجاج أنواع هناك زجاج للشباك وهناك زجاج عدسات التصوير وهناك زجاج العدسات المكبرة وهناك زجاج عدسات التلسكوب والمجاهر العلمية وكل هذا الزجاج وكله من معدن واحد ولكن هناك فرق بين زجاج الشبابيك وبين عدسات التكبير لأنه كلما كانت شفافية الزجاج أكثر وكلما كان تركيز الزجاج وتقعيره أكثر تكون قيمته أغلى وفائدته اكثر.
كذلك شخصية الإنسان فالناس كلهم من اصل واحد ولكن اصل الإنسان وجوهره هو عقله وروحه فكلما كانت روح الإنسان شفافة أكثر كلما كان سموه وقدرته اكثر على تلقي المعنويات والكمالات النفسية والروحية فالنبي يمتلك روحاً شفافة ساعدته على تلقي تلك المعنويات السلوكية،وهي التي ساعدته على أن يرتبط بالسماء ويختاره الله لتبليغ رسالته لهذا نلاحظ بأن:
الرسول ومن أول لحظة ولادته أبعد عن دوائر التأثير الطبيعية.
أولاً: نجد أن الرسول ولد يتيماً فلماذا؟
فنشأ بعيداً عن الأبوين وذلك من أجل أن تبقى هذه الشخصية بعيدة عن دوائر التأثير الطبيعية التي تؤثر في صياغة شخصيته أو تتدخل في تكوين أفكاره، فنجد أنه (صلّى الله عليه وآله)، ولد يتيم الأب فلما كان جنيناً في بطن أمه وقبل أن يولد توفى أبوه عبد الله فأبصر الحياة وهو يتيم الأب.
وفي السنة السادسة من عمره تموت أمه آمنة وهو بعد لم يعش في حضن الأم ولم تلمسه يداها بالرعاية والعطف.
• إعداد السماء للرسول
ثانياً: يقول الرسول: (أدبني ربي فأحسن تأديبي)
والأنبياء عموماً تصاغ شخصياتهم الرسالية صياغة خاصة كما يقول الله بالنسبة إلى موسى (عليه السلام): (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) و(وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي)
فالملاحظ أن أغلب الأنبياء يولدون في ظروف غير طبيعية، إبراهيم ولد في ظروف الإرهاب، موسى ولد في عصر فرعون وفي أجواء يسودها التكتم والحذر من ملاحقة السلطة الفرعونية وعيسى ولد في ظروف غير طبيعية.
والسبب أن الأنبياء مطلوب منهم أن يخرجوا مستقبلاً على نظام المجتمع الجاهلي، فلابد أن ينشأوا بعيداً عن الأجواء الجاهلية الموجودة، لأنهم يعدون ـ بإرادة الله ـ للثورة على الأوضاع الاجتماعية الفاسدة.
فلا يصح أن تتأثر شخصيتهم بأي قالب من القوالب السائدة في المجتمع الجاهلي، بل يترك لهم مجال النمو والتكوين في أجواء تتوفر فيها العناية الربانية وتصنعهم اليد الإلهية.
كما نقرأ هذه الصورة من صور السيرة النبوية..
كانت عادة الأشراف في مكة بأن يرسلوا أولادهم إلى البادية ليتربوا وينشأوا في الجو الطلق والمناخ الصحو في البادية ولم تكن من عادتهم أن يبقوا أولادهم في المدينة لكي لا تتلوث نفسية الطفل بأجواء المدينة ولكي يتعلم في البادية على الروح المنطلقة ويتعلم نطق الكلمات فكان الأشراف في مكة يقدمون أولادهم الرضع إلى المرضعات اللاتي يقصدن مكة في السنين العجاف وكانت تلك السنة التي ولد فيها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سنة قاسية على قبيلة بني سعد، القبيلة التي نشأ فيها النبي فكانت النسوة اللاتي قدمن من قبيلة بني سعد مع غيرهن يلتمسن الأطفال طمعاً في بر الآباء وأموالهم وأوشكت القافلة أن ترجع بالنسوة ومع كل واحد رضيع وكانت حليمة بنت أبي زئيب السعدية قد رأته أولاً ورفضته كغيرهن من المرضعات ولكنها لم تجد طفلاً آخر غيره لأن أمهات الأطفال كلهن يعرض عنها لضعفها وهزالها، فكانت حالة حليمة السعدية لا تغري أمهات وآباء الرضع بتسليم أولادهم إليها وفيما هي خارجة عن مكة عز عليها أن ترجع ولا شيء معها فقالت لزوجها إني لأكره من بين صواحبي أن أعود ولم أخذ معي أحداً لأرجعن إلى ذلك اليتيم ورجح لها زوجها ذلك.